ويؤكد:المشكلة أصبحت قنبلة موقوتة
معتوق وكالة أنباء العمال العرب:3-10-2013
آلاف العمال المصريين ، من المفصولين عن أعمالهم خلال السنوات الماضية ، يعتصمون هذه الأيام امام مبني وزارة القوي العاملة والهجرة ، وهم فاقدي الأمل في العودة لأعمالهم بعد أن اكتشفوا عدم قدرة الوزارة ، وفشل معالي الوزير - الذي تعهد منذ اليوم الأول لاستلامه منصبه أن عودتهم معززين مكرمين ستكون همه الأول - علي فعل أي شئ تجاه قضيتهم . وعندما استشاط بهم الغضب والحنق ، اتجهوا الي مقر الاتحاد العام لنقابات العمال ، هناك قيل لهم : عليكم أن تعودوا للوزارة لانها هي صاحبة الشأن ، ومعالي الوزير هو المسئول عن هذا الملف ويأتي ضمن مهامه وصلاحياته .وبين مقر الوزارة ، ومقر الاتحاد العام لنقابات العمال ، تبددت أحلامهم بالعودة لأعمالهم ، وتضاعفت خيبة أملهم ، وازداد يأسهم وحجم معاناتهم .مشكلة العمال المفصولين أضحت قنبلة موقوتة تهدد السلم الأهلي والاستقرار الاجتماعي في مصر ، في تقديري على الأقل ، فالجوع كافر كما يقولون ، وذل الحاجة يمكن أن يقود الي المهالك ، فهؤلاء العمال جميعا أصحاب اسر وعائلات ، ولهم أطفال في المدارس ، وأبناء في الجامعات ، ومنهم من يعيل أبوين يحتاجان لعلاجات وأدوية ، ولهم حاجات يومية عليهم تلبيتها ، والتزامات لابد من الإيفاء بها . ولكن من اين ؟ وكل الأبواب سدت أمامهم ، واسودت الدنيا في أعينهم ، وأصبحوا بلا حيلة ، واليد قصيرة والعين بصيرة ...!! أن الإنسان عندما يستبد به الياس ، ويصبح عاجزا عن توفير لقمة العيش لأبنائه ، يمكن أن يقدم على أي عمل مهما كان ذاك العمل غير مسئول ، ولا احد يستطيع أن يلومه في ذلك ، حيث المجتمع هو من أوصله لهذه الحالة . ..محمد .. مهندس ، كان يعمل بشركة استثمارية خاصة بمدينة ستة أكتوبر ، التقيت به صدفة ، اخبرني انه مفصول عن عمله لأسباب تافهة منذ ما يزيد عن ست سنوات ، دون مستحقات أو تعويض ، وانه طرق أبواب كل المسئولين في الوزارة والنقابات ، وفي كل مرة لم يعد الا بوعود لم تتحقق ولن تتحقق على حد قوله . وأقسم انه لم يدخل جيبه فلس واحد منذ أن ترك عمله غصبا عنه ، وأنفق كل مدخراته ، وهو يواجه أزمة عائلية حادة بسبب عدم قدرته الإنفاق على بيته وعائلته المكونة من ستة أفراد ، هو وزوجته وولدين وبنتين ، وان احد أولاده طالب جامعة ، بينما الآخرون في مرحلة التعليم المتوسط ...نادر .. عامل آخر من ضحايا الأزمة ، اتصل لي هاتفيا ، وعبر لي عن غضبه وغيظه من وزير القوي العاملة والهجرة الذي لم يوف بوعده في عودته وزملائه لأعمالهم حسب رأيه ، وأثبت عدم قدرته واخفاقه في حل هذه المشكلة التي يراها أنها صارت أعصي من قضية فلسطين حسب قوله ، وأقسم بأغلظ الإيمان انه لن يتردد لحظة واحدة في الذهاب الي " إسرائيل " إذا توفرت له فرصة عمل هناك ..!!قضية العمال المفصولين أصبحت تشكل ملفا ضاغطا على الوزارة ونقابات العمال ، ونعتقد أنها مسئوليتهما المشتركة ، ولا يمكن أن لا يتعاونا في البحث عن الحلول الناجعة لها ، إذا رغبا المساهمة في تعزيز استقرار البلد .أن لقاؤهما المشترك حول هذا الملف صار ضرورة ملحة . يمكن في هذا اللقاء البحث في تشكيل لجنة أزمة مشتركة ، يكون لها مكتب مستقل ، يسهل على العمال المفصولين الاتصال به ومراجعته وتقديم ملفاتهم وشكواهم له كي تدرس حالة بحالة . بدل الاحتشاد اليومي امام الوزارة ، أو مراجعة من هم غير مسئولين أو معنيين بهذا الملف والذين لن يزيدونهم الا تحريضا ، ومزيدا من الشعور بالإحباط .يمكن أن تكون لهذه اللجنة الصلاحيات في التنسيق مع شركات القطاعين العام والخاص التي كان يتبعها هؤلاء العمال ، وان يطلب من هذه الشركات عبر الحوار والتفاوض البناء الذي يخدم مصلحة البلد العليا التعاون في إعادتهم الي سابق أعمالهم ، أو إيجاد فرص عمل جديدة لهم تنسجم مع مؤهلاتهم وخبراتهم السابقة . وان تنسق هذه اللجنة عبر السيد الوزير مع باقي الوزارات ذات العلاقة لإنهاء هذا الملف .تستطيع هذه اللجنة تقديم بعض المقترحات العملية للسيد الوزير لمساعدة هؤلاء المتعطلين حتي عودتهم الي أعمالهم أو إيجاد فرص عمل لائق لهم . من ذلك مثلا إنشاء صندوق عاجل لمساعدة هؤلاء العمال المفصولين أو من يستحق منهم المساعدة على الأقل بدل أن يقدم السيد الوزير مساعدة من جيبه يشعرون بها وكأنها إهانة لهم وفيها مساس بكرامتهم . يمكن أن يمول هذا الصندوق بمساهمة من " صندوق الطوارئ " بالوزارة ، ومن صناديق النقابات العامة ، والاتحاد العام للنقابات ، وصناديق اتحاد الصناعات ، وما تقدمه الحكومة من دعم لهذا الصندوق في حالة العجز عن التمويل .بهذه الحالة تكون الوزارة والنقابات معا قد قدمتا عملا وطنيا يسجل لهما ، ينقذ آلاف الأسر من الضياع والتشرد ، ويحد من موت مئات المواطنين المصريين طالبي الأجر والهجرة غير الشرعية عبر قوارب الموت في البحر المتوسط ، أو اللجؤ الي الكيان الصهيوني لا قدر الله . ويكونا أيضاً قد ساعدا على الاستقرار والسلم الأهلي والاجتماعي ، وابتعدا عن الصراعات والمهاترات التي لا معني لها ، والتي لا تغني ولا تسمن من جوع ... *بقلم رجب معتوق "الامين العام للاتحاد الدولى لنقابات العمال العرب"
|