:بعض الحكومات توظف النقابيين وتغدق عليهم المنافع والمكاسب الشخصية لإيمانها بمبدأ " أملا البطن تستحي العين "..والقيادات النقابية - عدا الشريف منها - خدم في بطانة السلطان
وكالة أنباء العمال العرب:9-11-2013
معلوم أن النشاط النقابي العمالي هو نشاط تطوعي من قبل الذين يقومون به . والمنظمات النقابية العمالية هي منظمات غير ربحية ، الهدف من تكوينها طوعا بين العمال المشتغلين في المهنة الواحدة أو المهن المتشابهة هو لخدمة الأعضاء الذين إنشاؤها والدفاع عن حقوقهم ومصالحهم أمام قوي سوق العمل الأخري أصحاب أعمال وحكومات ، حتى تخلق قدرا من التوازن بين الأطراف الثلاثة ...ينظم عمل المنظمات النقابية ميثاق الشرف الذي يتفق عليه المؤسسون أو من يلتحق بهم لاحقا ، وهو ما يعرف اليوم باللوائح أو النظم التي تنسجم مع القوانين النافذة أولا ولا تتعارض مع المعايير المتفق عليه عربيا ودوليا على شكل اتفاقيات وتوصيات صادرة عن منظمتي العمل العربية والدولية ، والتي صادقت عليها الحكومات بعد مناقشتها من كل الأطراف والاتفاق على نصوصها ثانيا . ..مع تطور النشاط النقابي العمالي واتساع مساحته على رقعة الوطن العربي وتشابك علاقات العمل وتعقدها ازدادت المسؤوليات على النقابات ومن يقودها . ووجد قادة النقابات انفسهم في حاجة الي عدم تجاهل القضايا السياسية في بلدانهم . وعدم حصر دورهم في القضايا المطلبية فقط . وشكلت النقابات العمالية قبل غيرها من منظمات المجتمع المدني قوة اجتماعية صار لها تأثيرها الواضح في الكثير من مفاصل الحياة السياسية في البلدان العربية . ووجدت الأحزاب ضالتها في من يساعدها على التعبئة والحشد الجماهيري خاصة وان تلك الأحزاب تعاني ضعف الجماهيرية وتدني القاعدة الشعبية . ومن هنا بدأت تمارس محاولة اختراق التنظيمات النقابية بوسائل مختلة ، وتوظف وتستغل الحراك النقابي ضد السلطات وفي أحيان كثيرة تنسبه الي نفسها ومن تدبير قياداتها الحزبية حتي تعطيها حضورا وهميا في الشارع ...وانتبهت الحكومات للدور الذي تقوم به الأحزاب والقوي السياسية المختلفة لكسب الشارع من خلال النقابات العمالية وإظهار نفسها أنها هي القادرة على تأمين مطالبهم والاستجابة لحقوقهم وأنها قوة داعمة لهم ...هنا أخدت الحكومات على نفسها ، وهي التي تملك القدرة على ذلك ، توظيف القيادات النقابية الي جانبها ، وسحبها من الأوساط الحزبية إلا ما نذر ، واغدقت عليها المنافع والمكاسب الشخصية وبموجب قوانين تؤطر تلك الحقوق . وانطلقت في ذلك من القول الشائع " أملا البطن تستحي العين " . حيث ادخلت القيادات النقابية للبرلمانات ومجالس الشعب والشوري . وسمحت بالازدواحية بين تولي منصب وزارات العمل ورئاسة الاتحادات العمالية ، وشجعت العمال على ذلك وأقنعتهم بانه مكسبا كبيرا لهم . وأدخلت القيادات العمالية في مجالس إدارات شركات كبري مقابل مكافآت مالية عالية ، ومزايا أخري يسيل لها اللعاب . وسفريات بدون حدود ، وسيارات فارهة ، وسائقين ، وخدم وحشم ، وبرستيج اجتماعي مميز ، لدرجة أن بعض القيادات النقابية صدقت حالها وبدات تتعامل مع الوضع الجديد بأسلوب وسلوك لم يكتسبه كبار الأغنياء والبرجوازيين . ..هذا الوضع فرض شكلا غير مسبوق للنضال النقابي العمالي ، وصار القادة النقابيون مدافعون عن الأنظمة حفاظا على امتيازاتهم ومكاسبهم أكثر مما يطلبه أي نظام ، وخلقوا لانفسهم حاجزا بينهم وبين قواعدهم العمالية . واتسعت هذه الهوة باستخدام أسلوب فظ ومتعالي مع القواعد العمالية . وبات العامل من السهل عليه أن يصل الي مسؤول كبير في الدولة بينما لا يستطيع الوصول إلى رئيس نقابته أو اتحاده ...ودخلت بكل أسف ثقافة " شيلني واشيلك " ، وتبادل المصالح ، وممارسة كل الألاعيب حتي القذر منها للحفاظ على المنصب النقابي ، أحيانا بالاغراءات أو بتوظيف البلطجية أو بالتزوير أو بتلفيق التهم والادعاءات الباطلة ضد الخصم أو نصب الأفخاخ اللاأخلاقية . أو باستخدام المناطقية أو العشائرية وحتي القبلية . ..هذه الثقافة الممجوجة أفقدت التنظيم النقابي العمالي بريقه النضالي ونضافته ، ولم يعد تنظيما لخدمة أعضائه بقدر ما هو لخدمة المنتفعين والانتهازيين ومن يسكت على فسادهم وإفسادهم . وجعلت من القيادات النقابية - عدا الشريف منها - خدم في بطانة السلطان ...لعلنا من هنا نلاحظ الصراع غير المبرر على قيادة النقابات ، حيث صار صراعا على كراسي لخدمة الشخوص التي تديره وتقوم به ، وابعد العمال عن أولوية اهتمام تلك القيادات إلا عند مواعيد الانتخابات ، حيث تكثر ابتساماتهم بسبب وبدون سبب . وتزداد زياراتهم وتملقهم للعمال . ولكن بمجرد أن تنتهي الانتخابات العمالية يعودون الي سابق سلوكهم المنتفخ والمتعالي ...نجزم بأننا إذا اردنا قيادات فاعلة تتحمل المسؤولية لوجه الله ولخدمة العمال عن حق وحقيقة أن نعمل على إلغاء كافة المنافع و الامتيازات التي تعودت القيادات النقابية الحصول عليها مهما كان شكلها . وأن تعود أية مكافآت يحصل عليها الناشط النقابي مقابل أي عمل يقوم به لصندوق النقابة . وان تحدد المكافآت التي يمكن أن يحصل عليها الناشط النقابي لأي جهد إضافي له من قبل صندوق النقابة وبموافقة كل الأعضاء ...إذا استطعنا تحقيق ذلك سوف لا نجد أي نفعي أو انتهازي أو مصلحي يقبل على أي موقع نقابي . وستظل المناصب القيادية للناشطين الصادقين والمؤمنين بخدمة عمالهم بدون جزاء ولا شكورا . *بقلم رجب معتوق الامين العام للإتحاد الدولى لنقابات العمال العرب
|