٩ أيلول ٢٠٢٥ 
شهدت العاصمة البلجيكية بروكسل، أمس الأحد، واحدة من أضخم التظاهرات الأوروبية منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث اكتظت الشوارع والساحات المركزية بأكثر من 140 ألف مشارك قدموا من مختلف المدن الأوروبية، استجابة لدعوات أطلقتها جمعيات بلجيكية وعربية ومنظمات دولية وحقوقية، للتنديد بـ"الإبادة الجماعية" المستمرة بحق المدنيين في القطاع المحاصر، والمطالبة بتحرك ملموس لوقفها. ارتدى المتظاهرون اللون الأحمر ورفعوا آلاف "البطاقات الحمراء" في وجه إسرائيل والحكومات الأوروبية "المتواطئة"، في تعبير رمزي عن رفضهم لاستمرار الحرب والمجازر، ودعوة عاجلة إلى تحرك دولي لحماية المدنيين وضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة. رسالة سياسية مباشرة ورأى المشاركون أن الاعتراف الأوروبي المرتقب بـ"دولة فلسطينية" يمثل "خطوة غير كافية"، مؤكدين أن المطلوب هو إجراءات سياسية وقانونية أكثر وضوحاً، تشمل وقف التعاون والشراكة مع "إسرائيل". وقال الناشط البلجيكي سالم المغربي في تصريح لـ"قدس برس": "رسالتنا اليوم أن الاعتراف بفلسطين ليس كافياً ويجب ألا يكون مشروطاً. المطلوب هو قطع العلاقات السياسية والاقتصادية مع الاحتلال، وفرض إجراءات عقابية توازي حجم الجرائم المرتكبة". وشدد المغربي على أنه "من غير المعقول أن تستمر الإبادة لعامين والحكومات الأوروبية تقف موقف المتفرج... حماية الحقوق الفلسطينية واجب إنساني وأخلاقي على المجتمع الدولي". من جهتها، قالت الناشطة السياسية البلجيكية ليزا هرستوتغن: "كل ما نريده هو أن يتوقف هذا (الإبادة في غزة)... نحن هنا لنظهر أننا معهم، لكننا نعرف أن دعمنا لن يكون كافياً أبداً مقارنة بما يحدث في غزة". وأضافت في حديثها لـ"قدس برس": "رغم الانقسامات الكبيرة داخل الأحزاب والحكومة البلجيكية، إلا أن ذلك لا يمنع الاعتراف بفلسطين، ووقف الشراكة الاقتصادية مع إسرائيل، وضرورة وقف تصدير وشحن الأسلحة والمعدات العسكرية لاحتلال يرتكب أبشع الجرائم، جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية". وطالبت هرستوتغن بمحاسبة قادة الاحتلال الإسرائيلي وفقاً لما ورد في مذكرة المحكمة الجنائية الدولية، مشددة على ضرورة احترام الحكومات الأوروبية للقرارات الدولية والقانون الدولي، ووقف الإبادة المستمرة في غزة، وحماية الأطفال والمدنيين. رمزية البطاقات الحمراء وكان المشهد الأبرز في التظاهرة رفع عشرات الآلاف من البطاقات الحمراء بشكل متزامن، في إشارة إلى طرد الاحتلال ومحاسبة كل من يدعمه. كما رُفعت شعارات تندد بـ"التجويع الممنهج"، و"الاستهداف المتكرر للمستشفيات والكوادر الطبية"، إلى جانب لافتات تطالب بحماية الصحفيين وحرية الإعلام. مشاركة واسعة وتحالفات متنوعة جاءت الفعالية بدعوة من عشرات الجمعيات والمنظمات الحقوقية والإنسانية الأوروبية والعربية، إضافة إلى نقابات مهنية ومنظمات طلابية ونسوية. وأكد المنظمون أن المشاركة الواسعة – التي قدّرت بأكثر من 140 ألف شخص – تمثل "صرخة أوروبية موحدة" في قلب بروكسل، حيث تُصاغ قرارات الاتحاد الأوروبي. أبعاد إنسانية وقانونية وشملت مطالب المتظاهرين دعوات عاجلة لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وحماية المدنيين، وضمان عدم استهداف المستشفيات والطواقم الطبية. وذكّرت منظمات طبية مشاركة بأن الاحتلال الإسرائيلي قتل آلاف العاملين في القطاع الصحي منذ بداية الحرب، واعتقل المئات من الأطباء والممرضين والمسعفين، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني. ومنذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تشهد العواصم الأوروبية موجة حراك شعبي واسع دعماً للشعب الفلسطيني، حيث تتواصل التظاهرات بمشاركة متضامنين أوروبيين إلى جانب جاليات عربية ومسلمة، في موقف يعكس وعياً دولياً متنامياً تجاه القضية الفلسطينية. المصدر: وكالة قدس برس |
