٢٨ أيلول ٢٠٢٥ 
جددت المنظمة الإقليمية لإفريقيا في الاتحاد الدولي لنقابات العمال (CSI-Afrique) تحذيرها الشديد من الحالة المأساوية التي يواجهها آلاف العمال المهاجرين الأفارقة في دولة الإمارات. وطالب الاتحاد السلطات الإماراتية بالتحقيق الفوري في ما كشفه الوثائقي الأخير لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC) بعنوان “الموت في دبي”، واتخاذ إجراءات عاجلة لحماية الضحايا ومحاكمة المتورطين. ويستعرض الوثائقي سلسلة من الحوادث الدالة على نماذج واضحة للاستدراج والاستغلال والاتجار بالبشر، لا سيما من قِبل نساء أفريقيات جُذبن إلى الإمارات بوعود عملٍ كاذبة، فتعرضن للاختطاف والاتجار ودخول شبكات الدعارة أو أعمال قسرية في ظروف مهينة ولا إنسانية. وأشار التحقيق إلى واقعة فتاة أوغندية شابة توفيت في ظروف مشبوهة وصُنِّف موتها بسرعة على أنه “انتحار”، فيما تقول مصادر التحقيق إن هناك مؤشرات قوية تستدعي فتح تحقيق مستقل وشفاف يُحيط بالملابسات كافة. وقالت CSI-Afrique في بيانٍ صدر إن “الحقائق التي كشفها الوثائقي لا تنطوي فقط على انتهاك صارخ لحقوق الإنسان، بل تُعدّ خرقًا فاضحًا لالتزامات دولة الإمارات الدولية بموجب الاتفاقيات المتعلقة بحقوق العمال وحماية المهاجرين”. وذكّر البيان بالتزامات الإمارات تجاه مجموعة من الاتفاقيات الدولية، أبرزها اتفاقيتي منظمة العمل الدولية رقم 97 و143، والاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم (1990)، إضافةً إلى اتفاقيتي منظمة العمل الدولية المتعلقة بالعمل الجبري رقم 29 و105. وطالب الاتحاد السلطات الإماراتية بـ”التحقيق الفوري والمستقل، ومحاسبة كل من يثبت تورّطه في عمليات الاتجار أو الاستغلال، ومن ضمنهم أي مسؤول أو جهة قد تكون متواطئة”. ودعا إلى فتح قنوات حماية قانونية فعالة تتيح للعمال المهاجرين الوصول إلى العدالة دون خوف من الانتقام أو الطرد، وتوفير خدمات دعم نفسي وطبي وقانوني للضحايا، فضلاً عن إلغاء أو إصلاح نظام الكفالة الذي اعتبره البيان “مؤسسة قانونية تسهّل أشكال العبودية الحديثة”. كما حثّ البيان المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية على تكثيف الضغوط لمنع الإفلات من العقاب، ودعا إلى فتح تحقيقات دولية إن لم تتحقق آليات العدالة المحلية. وأكد ممثلو CSI-Afrique أنهم سيواصلون متابعة الملف وتقديم تقارير دورية، واستخدام الآليات النقابية والدولية للضغط من أجل تغييرات ملموسة. من جهة أخرى، وجّه الاتحاد نداءً قوياً إلى حكومات الدول الإفريقية المصدّرة للعمال، لا سيما أوغندا والدول التي سجلت حالات مماثلة، مطالباً إياها «بحماية مواطنيها قبل السفر وخلاله وبعده». وشملت المطالب وضع سياسات صارمة لمنع استغلال وكالات التوظيف المشكوك في أمرها، فرض متطلبات توجيه وإعلام قبل السفر، إتاحة خدمات قنصلية فعّالة داخل دول العمل، وإبرام اتفاقيات ثنائية لحماية العمال تضمن آليات للتفتيش القانوني والإشراف على عقود العمل. وأعرب قياديون نقابيون عن استغرابهم من التغطية المحدودة التي تلقتها القضية في بعض الدوائر الرسمية، مؤكدين أن «إهمالها سيتيح امتداد شبكات الجريمة المنظمة وانتشار المزيد من حالات العنف والاتجار، خصوصاً ضد النساء والشباب الباحثين عن لقمة العيش». ودعا نشطاء حقوقيون إلى حملات توعية مكثفة داخل المجتمعات المحلية حول مخاطر الرحلات غير المنظمة وبرامج التوظيف الاحتيالية. وختم بيان CSI-Afrique بالقول إن “العمال مهاجرون قبل أن يكونوا أرقاماً في إحصاءات دولية؛ لهم كرامة وحقوق يجب أن تُصان”، محذرا من أن استمرار التعامل مع ملف الانتهاكات بالسطحية أو بالتجاهل سيؤدي إلى نتائج عكسية تمس مكانة الإمارات الدولية واستثماراتها السياحية والاقتصادية، وتفتح الباب أمام مراقبة ومساءلة دولية أوسع قد تشمل توصيات لعقوبات أو قيود مؤسسية إذا لم تتخذ خطوات إصلاحية جادة. في ضوء ذلك، تبرز مسؤولية مزدوجة: مسؤولية الدولة المضيفة في توفير الحماية والعدالة، ومسؤولية دول الأصل في ضمان سلامة مواطنيها وحمايتهم من الوقوع فريسة لشبكات الاتجار والاستغلال. وتظهر المؤشرات أن الملف ما زال في بداياته الميدانية أمام ضغط إعلامي وقانوني متزايد يطالب بالكشف عن كل الملابسات ومعاقبة المتورّطين، وإعادة الاعتبار للحقوق الإنسانية للعمال المهاجرين. المصدر ؛ إمارات ليكس |