٥ ت١ ٢٠٢٥ 
في ظلّ تصاعد الأزمات الاجتماعية والاقتصادية في لبنان والمنطقة، واشتداد الهجمة الأميركية ـ الإسرائيلية على شعوبنا ومقدّراتنا، يؤكد اتحاد الوفاء لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان التزامه الثابت بخطّ المقاومة الشاملة، من جبهة الميدان إلى جبهة العمل والنضال النقابي، دفاعًا عن الإنسان وحقوقه وكرامته في وجه قوى الاستكبار والاحتكار والفساد. أولاً: في الشأن الاقتصادي والاجتماعي اللبناني يرى الاتحاد أنّ ما تضمّنته الموازنة العامة لعام 2025 من تخصيص نحو 48 مليارًا لمعاشات التقاعد والرواتب لا يعالج جذور الأزمة، بل يعكس استمرار سياسة الإنفاق غير المنتج وغياب الرؤية التنموية العادلة. فالسلطة التي تراكم العجز على حساب الشعب، وتستسلم لإملاءات المصارف وصندوق النقد، تُمعن في تحميل العاملين والمتقاعدين عبء الانهيار، فيما تُعفى المصارف وكبار المحتكرين من المحاسبة. ويعتبر الاتحاد أنّ فرض ضريبة مسبقة بنسبة 3% على الأرباح غير المحققة يُعدّ انتهاكًا لمبدأ العدالة الضريبية، ومحاولة جديدة لنهب جيوب الفقراء والعاملين تحت شعار الإصلاح المالي. ويشدد الاتحاد على أن أي إصلاح اقتصادي حقيقي يبدأ من مكافحة الفساد، واسترداد الأموال المنهوبة، وإعادة بناء القطاع العام على أسس العدالة والكفاءة ، وليس من بوابة الضرائب العشوائية على ذوي الدخل المحدود. ويُعبّر الاتحاد عن تضامنه مع موظفي القطاع العام والعسكريين والمتقاعدين الذين يعانون من تآكل القدرة الشرائية وتخبط السياسات المالية، ويُطالب بخطة طوارئ اجتماعية تضمن الأمن المعيشي والصحي للمواطنين، وتعيد الثقة بالدولة كمؤسسة راعية لا جابية. كما يُدين الاتحاد سياسات التهميش الممنهج للمناطق المقاومة في الجنوب والبقاع، عبر حرمانها من الكهرباء والمياه والتعليم والخدمات، معتبراً أن هذه الإجراءات ليست مجرد فشل إداري، بل استهداف سياسي للمناطق التي شكّلت عماد المقاومة وبيئتها الحاضنة. ثانيًا: في المشهد النقابي والزراعي والعمالي يثمّن الاتحاد التحركات التي نظمتها النقابات الزراعية والهيئات العمالية رفضًا لسياسات الجباية الجديدة وزيادة الرسوم على الاستيراد، معتبرًا أنّ هذه الوقفات تعبّر عن وعي متزايد بخطورة ما يُحاك للقطاع الإنتاجي الوطني. ويؤكد الاتحاد دعمه الكامل لهذه التحركات ويدعو إلى توحيد الصف النقابي في جبهة اجتماعية وطنية موحدة تواجه الفساد والتبعية وتضع مصلحة العامل والمزارع فوق كل اعتبار. ويُحيّي الاتحاد الجهود المبذولة لتفعيل التعاون بين الضمان الاجتماعي وباقي المؤسسات، لما لذلك من أثر مباشر على حماية حقوق الأجراء والمضمونين ، ويطالب بتعزيز هذا التعاون في إطار رؤية وطنية شاملة للرعاية الاجتماعية. ثالثًا: في الساحة الإقليمية – من طهران إلى بغداد وغزة يرحب الاتحاد بالإنجازات الاقتصادية والسياسية التي تحققها الجمهورية الإسلامية في إيران من خلال افتتاح معبر حدودي جديد مع العراق وارتفاع حصة الصناعة الإيرانية في السوق العراقية، معتبرًا أن هذه الخطوات تعزز التكامل الاقتصادي في محور المقاومة وتفتح آفاقًا جديدة أمام شعوب المنطقة لمواجهة الهيمنة الغربية. وفي السياق نفسه يتوقف الاتحاد بإجلال أمام الإنجازات الإيرانية في تطوير العلاقات مع كوريا الجنوبية وروسيا، معتبراً أن هذه الخطوات تشكّل ركيزة لمحور اقتصادي مقاوم في وجه الحصار والعقوبات الأميركية. كما يحيّي الاتحاد مواقف الحكومة العراقية التي تواصل العمل لتعزيز شراكتها مع دول الجوار بعيدًا عن الإملاءات الأميركية، ويعتبر أن توسيع التعاون بين طهران وبغداد وبيروت يشكل الرد العملي على مشروع التطبيع والتفتيت الذي تقوده واشنطن وتل أبيب. وفي السياق ذاته، يعبّر الاتحاد عن تضامنه الكامل مع أسطول الصمود العالمي الذي اتجه بحرا إلى غزة، ويُدين بأشدّ العبارات العدوان الإسرائيلي على السفن المدنية والناشطين الدوليين، مؤكداً أن هذا الاعتداء هو جريمة قرصنة بحق الإنسانية. ويثمّن الاتحاد المواقف الشجاعة للنقابات العمالية والحركات الشعبية في إيطاليا والمكسيك وتشيلي وكولومبيا التي انتصرت لدماء الأطفال في غزة، وأعلنت رفضها التعامل مع الكيان الصهيوني عبر المقاطعة ووقف الصادرات وصفقات السلاح. رابعًا: في الميدان الدولي والنقابي يعتبر الاتحاد مشاركته باسم لبنان في فعاليات الذكرى الثمانين لتأسيس اتحاد النقابات العالمي WFTU في باريس ، محطة ذات أهمية كبرى ، حيث كانت كلمة المقاومة حاضرة إلى جانب صوت العمال والفقراء في العالم. ويؤكد الاتحاد أن التضامن النقابي الدولي مع فلسطين ولبنان وإيران واليمن هو أحد أوجه المعركة ضد الإمبريالية ، داعيًا إلى تعزيز حضور النقابات اللبنانية في المحافل العالمية المقاومة للهيمنة الغربية. خامسًا: في البعد القيمي والوطني يرى الاتحاد أن ما يجري اليوم من محاولات لتجويع الشعوب وكسر إرادتها عبر الضغوط الاقتصادية والسياسية، إنما هو استمرار للحرب التي يشنها العدو الأميركي ـ الصهيوني بوسائل مختلفة، من الحرب العسكرية إلى الحرب المالية. وفي المقابل، فإن صمود محور المقاومة من غزة إلى طهران، ومن بيروت إلى صنعاء، هو الدليل الساطع على أن زمن الإذلال قد ولى، وأن الشعوب الحرة قادرة على فرض معادلات جديدة بدماء شهدائها وصبر عمالها ومقاومة فقرائها. خلاصة الموقف إن اتحاد الوفاء لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان يؤكد أن معركة الكرامة واحدة: من جبهة المقاومة ضد العدو الصهيوني، إلى جبهة الدفاع عن لقمة العامل وحق المتقاعد والمزارع والمضمون. ويجدد الاتحاد العهد بأن يبقى صوت العمال في خدمة الحقّ، والمقاومة، والسيادة الوطنية، مؤمنًا بأن التحرر الاجتماعي لا ينفصل عن التحرر السياسي، وأن النصر على الاحتلال لا يكتمل إلا بالعدالة الاجتماعية والاقتصادية. الوفاء للمقاومة... الوفاء للعمال... الوفاء للبنان. |