١١ ت١ ٢٠٢٥ 
في زمنٍ اشتدّت فيه المواجهة واصطفّت الأمم بين معسكر الهيمنة والاستعباد من جهة، ومحور الحقّ والكرامة والمقاومة من جهة أخرى، يعلن اتحاد الوفاء لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان أن هذا الوطن الصغير بحجمه، الكبير في مقاومته سيبقى على العهد ملتزما بخيار المقاومة ورافضا التبعية الاقتصادية والسياسية. لقد تداخلت التطورات المحلية والإقليمية والدولية هذا الأسبوع لتؤكد أن المعركة واحدة، ساحتها متنوّعة، عنوانها الصمود في وجه الحصار والهيمنة، وسلاحها الإنتاج والعمل والتضامن. أولًا: محليًا – بين معاناة الناس وثبات الإرادة شهد لبنان خلال هذا الأسبوع سلسلة أحداث تُظهر عمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، في ظلّ استمرار السياسات الرسمية التي تفتقر إلى الرؤية الوطنية المستقلة. فقد أعلنت مؤسسة الكهرباء عن أضرار في شبكاتها نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، ما يؤكد أن العدو لا يكتفي بالعدوان العسكري، بل يشنّ حربًا خفية على بنى لبنان التحتية لإضعاف صموده ومعاقبة بيئته المقاومة. ويرى الاتحاد أن الردّ يجب أن يكون بتعزيز معادلة الردع وأن تنكب السلطة على حماية لبنان أرضا وشعبا ، وبإعادة بناء القطاعات الإنتاجية بعيدًا عن وصفات صندوق النقد وشروط المانحين. وفي السياق الاجتماعي، شهدت البلاد تحركات مطلبية بمقابل امتناع بعض أصحاب العمل عن تصحيح الرواتب. ويعتبر الاتحاد أن تجميد الأجور هو وجه من وجوه الحصار الاقتصادي الداخلي المفروض على العمال، ويطالب وزارة العمل بتحمل مسؤولياتها في حماية حقوق العاملين ووقف استغلالهم. من جهة أخرى، برزت سلسلة لقاءات في القطاع الزراعي عبر “اللقاء الوطني للهيئات الزراعية” ومصلحة الزراعة في المحافظات، حيث يجري العمل على تسجيل المزارعين ودعم الإنتاج المحلي. ويرى الاتحاد في هذه الخطوات بارقة أمل في إعادة الاعتبار للقطاع الزراعي كدعامة أساسية للاقتصاد الوطني، داعيًا إلى سياسة زراعية متكاملة واستراتيجية وطنية زراعية تبني القطاع الزراعي و تحمي المزارعين في كامل الدورة الانتاجية ، ولا بد من معالجة قضايا التهريب ، و تحكم التجار بتعب المزارعين ، واغراق الاسواق باستيراد غير منظم . كما يثمّن الاتحاد مبادرة الأمن العام لإطلاق خدمة “ليبان بوست” لإنجاز المعاملات لما تمثّله من تسهيل للمواطنين، لكنه يحذّر من دعم الخطوة للخصخصة المقنّعة التي تهدف إلى تسليم الخدمات العامة للشركات الخاصة، مؤكدًا ضرورة بقاء الإدارة العامة في يد مؤسسات الدولة . ثانيًا: إقليميًا – فلسطين في القلب، والعروبة بلا موقف إقليميًا، تصدّرت القضية الفلسطينية المشهد النقابي والإنساني. فقد وثّقت الأخبار استمرار الاعتقالات الصهيونية في القدس والضفة الغربية، مقابل استقبال شعبي حاشد في طرابلس لأبطال “أسطول الصمود” العائدين من رحلتهم التضامنية مع فلسطين. ويرى الاتحاد أن هذا التلاحم الشعبي اللبناني – الفلسطيني هو الردّ الحقيقي على محاولات التطبيع والتقسيم، وأن دعم المقاومة الفلسطينية واجبٌ إنسانيّ، لا مجرد موقف سياسي. وفي هذا السياق، يعتبر اتحاد الوفاء أن بدء انسحاب العدو الإسرائيلي من قطاع غزة هو انتصارٌ مدوٍّ للمقاومة الفلسطينية الباسلة، وللقضية التي ضحّى من أجلها قادة من أشرف الناس، وفي مقدمتهم الأمينان العامان السيدان نصرالله والهاشمي، وسلسلة من الشهداء الأبطال الذين أثبتوا أن الدم المقاوم يصنع التاريخ، وأن الإيمان بالحق والحرية أقوى من كل سلاحٍ واحتلال. ويرى الاتحاد أن هذا الانسحاب ليس حدثًا ميدانيًا فحسب، بل تحوّل استراتيجي يكرّس فشل المشروع الصهيوني في كسر إرادة الشعوب، ويعيد فلسطين إلى واجهة الوعي العربي والعالمي كقضية تحرّر مقدّسة. وفي السياق ذاته، عبّر اتحاد نقابات العمال والمستخدمين الفلسطينيين عن تمسكه بدعم القطاع التعاوني، وهو ما يراه الاتحاد في لبنان نموذجًا للمقاومة الاقتصادية في وجه الاحتلال، إذ إن التعاونيات تشكّل شبكة صمود اجتماعي تحمي العمال من سياسات الإفقار التي يفرضها العدو. كما يحيّي الاتحاد المواقف النقابية في تونس التي ترفض التطبيع وتدعم استقلال القرار الاقتصادي، مؤكدًا أن النقابات العربية الحرة هي خط الدفاع الأول عن قضايا الأمة، وهي الامتداد الطبيعي لجبهة المقاومة بمختلف أشكالها. وفي لبنان والمنطقة، يرى الاتحاد أن التلاحم بين قوى المقاومة والعمال والمزارعين يشكّل جبهة متكاملة ضد الاستعمار الحديث الذي يستخدم سلاح الاقتصاد بعد فشل سلاحه العسكري. ثالثًا: دوليًا – العالم يتغيّر والغرب يتراجع على المستوى الدولي، برزت هذا الأسبوع مؤشرات واضحة على تراجع الهيمنة الأميركية وصعود القوى المستقلة. فقد أعلنت الصين فرض رسوم على السفن الأميركية ردًا على إجراءات واشنطن العدوانية، في خطوة تعبّر عن إرادة دولية جديدة ترفض الإملاءات الغربية. ويرى الاتحاد أن هذا التحول يخدم الشعوب التي تسعى لبناء علاقات اقتصادية عادلة تقوم على الندية لا التبعية. وفي الاتجاه ذاته، سجّلت الجمهورية الإسلامية الإيرانية تقدمًا نوعيًا بإطلاق أكثر من 1860 مشروعًا تنمويًا وسياحيًا، وباستعدادها لإطلاق القمر الصناعي “دونماى 1” خلال الأشهر المقبلة، ما يؤكد فشل العقوبات الأميركية في كبح تقدمها العلمي. ويعتبر الاتحاد أن إيران، بصمودها وإنتاجها رغم الحصار، تمثّل نموذجًا تحتذي به الدول المستقلة في بناء اقتصاد مقاوم يوفّر الكرامة لشعوبها. كما يرحّب الاتحاد بتنامي التعاون بين روسيا والصين ودول الجنوب العالمي، معتبرًا أن هذه التحالفات الاقتصادية والسياسية تمهّد لنظام دولي متوازن يُنهي مرحلة التفرد الأميركي ويتيح فرصًا جديدة أمام الدول النامية، ومنها لبنان، للانفتاح شرقًا وبناء شراكات حقيقية بعيدًا عن الاستغلال الغربي. خاتمة – المقاومة طريق العدالة والسيادة إن اتحاد الوفاء لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان يرى في مجمل أحداث هذا الأسبوع تكاملاً بين الصمود المحلي والمقاومة الإقليمية والتحولات الدولية. فما بين عدوان العدو على شبكة الكهرباء في لبنان، وصمود المزارعين والعمال، واستقبال أبطال “أسطول الصمود”، ونجاحات محور المقاومة في إيران وفلسطين، وتقدم المحور العالمي الجديد بقيادة الصين وروسيا وإيران – تتجلى وحدة المعركة بين من يريد الهيمنة ومن يصنع التحرر. ويؤكد الاتحاد أن المعركة اليوم هي معركة الوعي والعمل والإنتاج، وأن تحرير الإنسان من الفقر والتبعية لا يقلّ قداسة عن تحرير الأرض من الاحتلال. لذلك، يجدّد الاتحاد التزامه بخيار محور المقاومة، وبالدفاع عن حقوق العمال والمزارعين والمستضعفين، ساعيًا إلى اقتصاد وطني مقاوم يضمن العدالة الاجتماعية ويصون الكرامة الوطنية في وجه العدوان والحصار. |