١٨ ت١ ٢٠٢٥ 
إن اتحاد الوفاء لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان، وهو جزء أصيل من بيئة المقاومة الصادقة، يؤكد أن القضايا المطلبية والاجتماعية ليست منفصلة عن المعركة الوطنية الكبرى ضد مشاريع التفتيت والتبعية، وأن الدفاع عن حقوق العمال والمستخدمين هو واجب وطني وجهادي لا يقلّ أهمية عن الدفاع عن تراب الوطن وسيادته. ويأتي هذا الموقف الأسبوعي ليواكب المستجدات على الساحة اللبنانية والإقليمية والدولية في ضوء تصاعد العدوان الإسرائيلي وتفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في الداخل. أولاً: على الصعيد المحلي – قضايا الوطن والمواطن يولي الاتحاد أهمية قصوى لقضايا الناس المعيشية وحقوقهم المكتسبة، ويعتبر أن محاربة الفساد المالي والإداري هي المدخل الحقيقي لأي إصلاح جاد. ويرى أن المعركة ضد الفساد وضد التبعية الاقتصادية هي جزء من معركة التحرر الوطني التي تخوضها المقاومة وشعبها. وفي هذا السياق، يؤكد الاتحاد أن زيادة رواتب القطاع العام والعسكريين في الموازنة ليست ترفاً بل ضرورة وطنية عاجلة في ظل الانهيار المعيشي، فهي دعم للقطاعات التي تحمي الدولة وتحفظ استقرارها. كما يثمّن الاتحاد تخصيص 263 مليون دولار لدعم الزراعة، لكنه يشدد على وجوب أن تُدار هذه الأموال بشفافية تامة لدعم صمود المزارعين وتعزيز الإنتاج الوطني، لا أن تذهب إلى صفقات المحاصصة والسمسرة التي تخدم مشاريع الاستتباع الاقتصادي. وفي المقابل، يدين الاتحاد مساعي بعض النواب لزيادة مخصصاتهم في وقتٍ يعاني فيه الشعب الفقر والجوع، معتبراً أن مثل هذه الخطوات تعكس استخفافاً بآلام الناس واستفزازاً لمشاعرهم. ويرى أن الأولوية المطلقة يجب أن تكون لمعالجة الأزمة المعيشية ودعم الفئات الأكثر تضرراً، لا لإشباع جشع السياسيين. وفي الشأن الإنمائي، يشيد الاتحاد بدعوات استصلاح الأراضي وإنشاء خزانات مياه للري كخطوة ومطلب في الاتجاه الصحيح نحو دعم الإنتاج الزراعي وتعزيز الأمن الغذائي الوطني. ويؤكد كذلك ضرورة معالجة قضية المزارعين في بوداي بالعدالة والإنصاف، عبر إيجاد بدائل إنتاجية مشروعة بدل الملاحقات وحدها، لأن الأمن الاجتماعي لا يتحقق إلا بتأمين لقمة العيش الكريمة. أما فيما يتعلق بملف تعويضات نهاية الخدمة، فيجدد الاتحاد موقفه بأن هذه الحقوق مقدسة لا تسقط بالتقادم، ويدعو إلى تسوية عادلة وسريعة تحفظ كرامة المتقاعدين، مع ضرورة تأمين التمويل اللازم من خلال استعادة الأموال المنهوبة وفرض ضرائب عادلة على الثروات الكبرى. وفي ملف براءة الذمة لشركتي الخليوي “ألفا” و“تاتش”، يثمّن الاتحاد موقف القوى النقابية في لبنان الرافض للتمديد، معتبراً أنه قرار وطني يحمي المال العام من النهب والهيمنة، ويدعو إلى تحرير قطاع الاتصالات من التبعية ووضعه في خدمة المواطن. كما يؤيد الاتحاد موقف تلك القوى التي حذّرت من أن هذا التمديد يحرم صندوق الضمان الاجتماعي من مبالغ ضخمة هي من حق العمال والمضمونين. ويشدد على ضرورة تفعيل مؤسسات الضمان الاجتماعي وصونها لأنها تشكل الحصن الأخير للعمال في وجه الفقر والبطالة. ويثمّن الاتحاد مواقف النقابات التي تضامنت فيما يخص ملف براءتي الذمة، ونفذت وقفات احتجاجية، معتبراً أن وحدة الموقف العمالي هي السبيل لوقف سياسات الإذعان والاستغلال. وفي الوقت نفسه، يدعو إلى توجيه الإمكانات والخبرات العلمية لخدمة القطاع الصحي الوطني وتعزيز الحق في الرعاية، من خلال إصلاح حقيقي للسياسات الصحية وتمويلها العادل. ويتابع الاتحاد العدوان الإسرائيلي المستمر على القرى الجنوبية، وآخرها استهداف حقول الزيتون في عيترون وغيرها من قرى جنوبنا الصامد، معتبراً ذلك استمراراً لسياسة الإرهاب الممنهج ضد المدنيين ومقومات صمودهم. ويؤكد أن الرد على العدوان حق مشروع وثابت في إطار الدفاع عن الأرض والكرامة. كما يدين تدمير العدو لمخزن المحروقات الاستراتيجي في الجنوب، ويعتبره استهدافاً للبنية التحتية ومحاولة لإخضاع الشعب اللبناني. ويدعو إلى تعزيز صمود أهل الجنوب وتوفير الدعم الكامل لهم لإعادة إعمار ما دمّره العدوان. ويؤكد الاتحاد دعمه الكامل للمؤسسات الوطنية، وفي مقدمها مؤسسة كهرباء لبنان، رافضاً أي خصخصة أو استغلال سياسي لها، ويدعو إلى تعزيز الوحدة النقابية والمطلبية في كل المناطق اللبنانية لتوحيد الكلمة والدفاع عن حقوق الوطن وأبنائه. إن اتحاد الوفاء يدعو إلى حفظ حقوق المياومين وأمنهم الوظيفي في كل المؤسسات العامة والمصالح المستقلة والبلديات، ويدعو نواب الأمة لبذل الجهود لإنهاء بدعة المياومة وغيرها في مؤسسات الدولة اللبنانية، ليشعر اللبناني أنه ابن هذا الوطن والعامل المنتج والآمن فيه. كما يؤكد اتحاد الوفاء أن مواقف كتلة الوفاء للمقاومة تعبّر عن الثوابت الوطنية لوطن الوحدة والسيادة، وأن وحدة الصف مع حركة أمل وسائر القوى الوطنية تشكّل ركيزة لحماية الوطن من المشاريع الصهيو–أمريكية. ويدعو القوى النقابية إلى توظيف اللقاءات والمؤتمرات والندوات اللبنانية والعربية والدولية لتعزيز فكر المقاومة، ونشر الوعي العمالي والنقابي، ومواجهة محاولات التطبيع الثقافي والاقتصادي. ثانياً: على الصعيد الإقليمي يشكل المحور الإقليمي اليوم مركز الصراع مع العدو الصهيوني وحلفائه. ويؤكد الاتحاد تمسكه بنهج المقاومة كخيار وحيد لتحرير الأرض وصون الكرامة، ورفضه القاطع لكل أشكال التطبيع والمشاريع المشبوهة التي تهدف إلى تفكيك المنطقة وإضعافها. يشيد الاتحاد بالنموذج الإيراني في الإنتاج الزراعي والصناعي رغم العقوبات، ويراه نموذجاً رائداً للاكتفاء الذاتي والمقاومة الاقتصادية التي يجب أن تُحتذى في لبنان وسائر بلدان محور المقاومة. كما يقدّر زيارة الوفد النقابي اليوناني PAME إلى فلسطين، التي كشفت للعالم ممارسات الاحتلال ودعمت صمود العمال الفلسطينيين. ويرى أن هذه التحركات تشكل أساساً لتجديد التضامن العمالي الأممي مع الشعوب المظلومة، والذي ندعو لتقدّم خطابه وصولاً لإحقاق الحق الكامل للشعب الفلسطيني في أرضه كاملة، وإقامة دولته الوحيدة على ثراها بعيداً عن كل احتلال. ثالثاً: على الصعيد الدولي يرى الاتحاد أن العالم يشهد تحولات جذرية تشير إلى بداية تراجع الهيمنة الأمريكية، كما يظهر من تراجع الدولار وصعود اليورو والين. ويعتبر أن فك الارتباط بالاقتصاد الريعي المرتهن للدولار هو شرط أساسي لبناء سيادة اقتصادية حقيقية، داعياً إلى توسيع التعاون مع الدول الصديقة والداعمة للمقاومة. وفي هذا الإطار، يرحّب الاتحاد بالتعاون الإيراني–الروسي في مجال الطاقة وبالنتائج المثمرة لمعرض “شيراز إكسبو 2025” الذي أبرم أكثر من خمسين عقداً تجارياً لتعزيز الصادرات، معتبراً أن هذه المبادرات تشكل فرصاً حقيقية لكسر الحصار المفروض على دول محور المقاومة. ويثمّن الاتحاد الإضراب العام في إسبانيا تضامناً مع غزة ورفضاً للعلاقات مع إسرائيل، معتبراً أنه دليل على وعي الشعوب الحرة وعدالة القضية الفلسطينية. وفي ختام الموقف، يؤكد اتحاد الوفاء أن حماية البيئة واستعادة التوازن الطبيعي، وعودة الطيور إلى بحيرة القرعون، يجب أن تكون جزءاً من معركة الإصلاح الشامل، لأن البيئة النظيفة هي من حقوقنا، وحقوق أجيالنا القادمة التي يجب الحفاظ عليها. إن اتحاد الوفاء لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان يدعو جميع أبناء الوطن إلى التمسك بخيار المقاومة والصمود في وجه العدو الصهيوني وحلفائه، ورفض التفاوض بكل أشكاله مع عدوٍ صهيوني أعطى بكل جرائمه نموذجاً لعدوانية متأصلة أثبتت نتائج التفاوض العربي معه أنها كانت مجرد انصياع، ولا ينفع معها إلا لغة الصمود والمقاومة. ويدعو الاتحاد إلى اليقظة التامة والدائمة تجاه المشاريع الداخلية والخارجية التي تتكاثر وتستهدف حقوق الوطن اللبناني وعماله، وكل المكتسبات الوطنية، فحقوقنا الوطنية وكرامتنا ليست مطلباً معيشياً نناضل من أجله فحسب، بل هي جزء لا يتجزأ من معركة التحرير والسيادة وبناء الدولة العادلة. |