ـ كل شيء في لبنان تسكنه الفوضى، الحياة اليومية لأغلبية المواطنين اللبنانيين، من مطلع الشمس إلى مغربها، مع الليل ومنوعاته، تعمّها الفوضى، إلا شيء واحد، (النهب المنظم)، فهو منظم بدقة متناهية، لدرجة أن لا أحد في لبنان، يستطيع أن يجد خطأ واحدا، أو مستمسك خطي أو حتى شفوي، يشكّل بذاته إدانة أو شبه إدانة، لا ملفات ولا فواتير ولا موازنات ولا أرقام واضحة ولا دفاتر حسابات..، والأسباب متعدّدة، منها الظاهر ومنها الخفي وما بينهما. واللبنانيون "بلا استثناء" يعترفون ويقرون بعجزهم عن إدراك هذه الأعجوبة، وكلما اعتقد أحد أو جماعة، أنه أمسك بطرف خيط، أو وضع يده على ملف غاية في الخطورة، تبين له ولهم، انه هو نفسه محل شبهة وإدانة، ومصاب بداء التعرّض للكرامات والتشهير والتدخل بالخصوصيات، وقد تطلب داتا الاتصالات لدراسة سلوكه وخلفياته وانتمائه وثقافته ودينه.. . (على سبيل المثال لا الحصر): ـ فوضى التعليم في لبنان، مدارس معاهد جامعات وكليات، فوضى الكتب الدراسية، من كل حدب وصوب، ولكل تاريخه وجغرافيته ولغته..، وفوضى دور النشر المعتمدة مسبقا وبنسب مئوية 60% للدار و40% للمدرسة أو المؤسسة التعليمية. ولكن قاسم مشترك واحد منظم بدقة عالية، وتعتمد فيه أدق الحسابات العلمية والرياضية، وهو ما يسمى بنهب الأقساط، والحجج جاهزة غب الطلب، وباللغة التي تريد اقتصاد اجتماع فلسفة علمي أدبي.. وبالنهاية ستدفع كامل القسط مع النقل والقرطاسية مباشرة من المدرسة إلى التلميذ، السعر مع التوصية، وينتهي مفعول القرطاسية في الشهر الأول من السنة؟! والكوستيم والكتب الدولية من الدار الفلانية فقط، وبالعربي الدارج "بتعلم ولّا عمرك ما تعلم". ملاحظة سريعة، من مِن اللبنانيين يعرف شيئاً عن لجان الأهل، وكيف يتم اختيارها، ومسؤولية وزارة التربية، أو كيف تُصرف الأموال التي تتقاضاها المدارس الرسمية من الأهالي، ومن يُحاسب المدارس عامة؟! ملاحظة، لماذا يوجد وزارة تربية وما الحاجة أليها؟!. ـ فوضى المحروقات في لبنان، ونحن على أبواب الشتاء، من مِن اللبنانيين يستطيع أن يعرف، لماذا استيراد المحروقات حكرا على شركات محددة، ولماذا لا يستطيع غيرهم الدخول في هذه المتاجرة من باب المنافسة العادلة، ولماذا لا تقوم الحكومة نفسها بالاستيراد والمنافسة، وما هي الأسباب التقنية أو السياسية أو المذهبية التي تمنع ذلك، وقد تم تصنيف الحطب في لبنان كسلعة نادرة (الطن سنديان ب300 دولار والنقل على الشاري، وطن الحطب العادي ب200 دولار من دون حساب النقل، وطن الجفت ب50 دولار وغير مسئولين عن النقل، ويخدم لأسبوع واحد إذا دعّم بالحطب)، وباصات المدارس رفعت تسعيرتها، ونقابات النقل تهدد بزيادة التعرفة، والنهب في قطاع المحروقات أشد تنظيماً من الغوستابو، وقد دخلت مافيا الحطب في سوق النهب المنظم، مستغلة كغيرها الارتفاع الأسبوعي لتسعيرة المحروقات والانقطاع الدائم للكهرباء. ونسأل مع فقراء لبنان، أين البواخر وفي أي محيط ضاعت، أو لعلها تبخرت أو هي؟! ملاحظة بسيطة، كيف تبلغ فاتورة كهرباء عن شهرين تسعون الف ليرة، بتقنين يومي يبلغ 20 ساعة انقطاع، ماذا لو شعّت الكهرباء ل8 ساعات يوميا؟! لن نترحم على فوضى المولدات، فجبايتها في قمة النهب المنظم. ـ فوضى في المواد الغذائية والاستهلاكية على اختلافها وتنوعها، المنشأ والمصدر والصلاحية، وشكوى الصناعة اللبنانية، من غبن الدولة، والمزارع يئن من فساد الإنتاج، أو كساد المنتج، أو العوامل الطبيعية وغير الطبيعية، ولا تعويضات مالية، واحتكار التجار، وهؤلاء مافيا كمافيا المحروقات وأدهى، ويبقى المواطن والمواطن وحده، يدفع أغلى فاتورة استهلاكية للضروريات فقط في المنطقة، والحكومة قد نأت بالفعل بنفسها عن مواطنيها. ملاحظة صحية اقتصادية، قرار الحكومة في منع التدخين في المطاعم والفنادق والمؤسسات السياحية المغلقة (حائطين وسقف)، دون أن تُعمل ألتأن لدقائق معدودة في بعض الثغرات، غير المؤثرة، على القرار نفسه، وذلك حفاظاً على صحة المواطن، وأدخلت بجدارة المؤسسات والمنفذّين في النهب المنظم، وفن غض الطرف؟! ـ وعلى مثل ذلك تستطيع أيها المواطن المياوم، "موظف مياوم، عامل مياوم، فلاح مياوم، مزارع مياوم، طالب أو تلميذ مياوم، أستاذ مياوم، الخ مياوم، أن تُجري جردة على كامل مساحة الوطن، ستجد أن كل شيء فيه وأنت منهم وعلى رأسهم، دخلت في عالم النهب المنظم، بفارق كبير، أن الأخير غير مياوم.
