الاسبوع الثالث من نيسان

في زمن تتسارع فيه الأحداث وتختلط فيه الأصوات، تبقى بوصلتنا واضحة: فلسطين هي القضية، والمقاومة هي الخيار، وغزة والجنوب هما جبهتا الكرامة المتقدة.

من مؤتمر العمل العربي في القاهرة، نعود أكثر قناعة بأن الشعوب، لا الخطابات، هي من تصنع التاريخ. في النقاشات واللقاءات لمسنا حرصًا عربيًا عامًا على القضايا المركزية، وإن تفاوتت المقاربات. لكننا نؤمن بأن المواقف الصادقة تُبنى على وضوح الانتماء، لا على المجاملات الدبلوماسية.

وإذ نحيي كل من ثبت على الموقف المبدئي دفاعًا عن فلسطين والحقوق العربية، نسجّل بأسف أن بعض الأصوات الرسمية في لبنان، وتحديدًا على مستوى وزارة الخارجية، باتت تُعبّر عن توجهات لا تحاكي وجدان اللبنانيين، ولا تعكس حقيقة التزامهم بقضية فلسطين ولا بروح المقاومة. إن لبنان، بتاريخ نضاله وتضحياته، لا يمكن أن يُختزل بخطاب فئوي أو بتصريح لا يمثل إلا أصحابه.

لبنان المقاوم ليس على الحياد. الجنوب الذي نزف وواجه العدوان، لم يعرف يومًا التفرقة بين شهيد وآخر، ولا بين طائفة وأخرى. لذا فإن أي موقف رسمي لا يُجسّد هذه الوحدة الوطنية، هو موقف ناقص، لا يرتقي إلى مستوى التحديات.

نحن، أبناء الحركة النقابية، أبناء الأرض التي تعرف معنى الجوع والاحتلال والكرامة، لا يمكن أن نساير في حق، ولا أن نبرر تخاذلًا. إننا نقف إلى جانب المقاومين، إلى جانب العمال الذين يكدّون في الأرض كما يكدّ المجاهدون في الميدان.

موقفنا واضح: لا مساومة على فلسطين. لا صمت أمام الحصار. لا تبرير للتطبيع.

نحيّي غزة الصامدة، ونشدّ على يد الجنوب المقاوم. ونؤمن أن هذه الأمة ما زال فيها نبض حياة، ما دام فيها من يرفع الصوت دفاعًا عن الحق، وما دامت فيها مقاومة لا تُكسر.

وفي هذا السياق، نطالب الحكومة اللبنانية بالايفاء بوعودها وتحمل كامل المسؤولية في إعادة إعمار المناطق التي طالها العدوان الصهيوني، من الجنوب إلى الضاحية وسائر المناطق المنكوبة. فدمار العدو يجب أن يُقابله فعلٌ وطنيٌّ مسؤول، لا وعودٌ فارغة.

كما نُجدّد المطالبة بزوال الاحتلال الإسرائيلي عن جميع النقاط اللبنانية التي لا تزال تحتلها إسرائيل، وفي مقدمتها مزارع شبعا، وتلال كفرشوبا، والقسم الشمالي من بلدة الغجر. ونؤكد ضرورة العمل الجاد على درء التهديد الإسرائيلي المستمر الذي يخيم على لبنان، ويحول دون استقراره وأمنه. ونرفع الصوت عاليًا بضرورة السعي الحثيث لتحرير الأسرى اللبنانيين والعرب من سجون الاحتلال، لأنهم جزء لا يتجزأ من كرامة هذه الأمة.

إننا نؤكد أن المقاومة ليست فقط بندقية، بل هي روح، وموقف، وخيار مستمر. ونُهيب بكل النقابيين والأحرار أن يكونوا طليعة هذا الصوت، وأن يبقوا على عهد الانحياز للكرامة والحرية.