ركن المزارعين > رفع الحظر عن البطاطا يُدخل 25 مليون دولار سنوياً
مزارعو عكار أول المستفيدين من أسواق أوروبا
الحاج حسن وايخهورست ومورابيتو في المؤتمر الصحافي الذي عقد أمس، في وزارة الزراعة (فادي أبو غليوم)
كامل صالح السفير 10-9-2013
سيتمكن لبنان في العام المقبل، من البدء بتصدير البطاطا إلى دول الاتحاد الأوروبي، بعدما وضعت الأخيرة البطاطا اللبنانية على اللائحة السوداء، بعد نشر موضوع يشير إلى وجود مرض العفن البني في العام 1997. وفي المؤتمر الصحافي الذي عقد أمس في وزارة الزراعة، للإعلان عن صدور القرار الأوروبي بالسماح بدخول البطاطا إلى الأسواق الأوروبية، شاءت رئيسة «بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان» السفيرة أنجيلينا ايخهورست أن تربط هذا السماح، بأسباب عدة، لكن من أبرزها: أن القرار يسمح لـ«المناطق التي تسجل أعلى معدلات الفقر، وتستقبل العدد الأكبر من اللاجئين من سوريا»، أي عكار تحديدا، بالاستفادة من 50 ألف طن من البطاطا من دون رسوم، والمعدّة للاستهلاك حصراً. وإذ يفيد وزير الزراعة حسين الحاج حسن، بأن «فترات إنتاج البطاطا الملائمة للسوق الأوروبي، هي الفترة التي تنتج فيها البطاطا في عكار، أي بين منتصف نيسان وأوائل حزيران»، ينبّه المصطادين بالماء العكر من الطائفيين والمذهبيين أن «المستفيد الأول من القرار هم مزارعو عكار»، مضيفاً «أهل عكار هم مذهبي وطائفتي ومنطقتي». ويتضمن القرار الأوروبي الصادر في الأول من آب 2013، بعدما أثبت برنامج الدعم الايطالي، خلو البطاطا من العفن، العديد من المتطلبات التي يتوجب على لبنان تلبيتها، ومنها: أولا: يمكن إدخال البطاطا إلى الاتحاد عبر نقاط دخول مزودة بالوسائل الضرورية، لضمان مراقبة فاعلة لجميع المخاطر المرتبطة بالصحة النباتية. ثانيا: يجب أن ترفق الكميات المسلمة بشهادة صحية نباتية من السلطات المختصة في لبنان.
شرطان مسبقان
يضاف إلى ذلك، شرطان مسبقان مطلوبان حتى يتمكن المصدرون من إرسال أولى شحناتهم من البطاطا من عكار أو البقاع إلى الاتحاد، وهي: أولا: يجب أن تضع وزارة الزارعة قائمة بالمؤسسات المعتمدة (المزارعون والمصدرون). ثانيا: يجب وضع شهادة صحية نباتية على أساس نموذج الاتحاد، واعتماده مع كل شحنة، أي ما يؤكد عدم إدخال أي أجسام عضوية مضرّة بالنباتات أو المنتجات النباتية. ويشدد الحاج حسن في هذا الإطار، على أنه «لا نسمح لأحد من المزارعين أو المصدرين بارتكاب أي خطأ، وأن يعيدنا إلى الوراء، فهناك اقتصاد يجب دعمه، وسمعة بلد يجب الحفاظ عليها»، داعياً مزارعي البطاطا والمعنيين بالتصدير إلى أوروبا إلى التسجيل في القائمة المخصصة لذلك، وتنفيذ كامل الشروط المطلوبة، كذلك دعاهم إلى البحث عن أصناف مطلوبة في أوروبا لزرعها في لبنان. ويؤكد أن الوزارة «ستخضع الإنتاج إلى مراقبة شديدة، إذ هناك فريق عمل سيعمل على مراقبة ومتابعة مساحة حوالي 10 آلاف دونم تنتج حوالي 50 ألف طن من البطاطا في عكار». وستشكل أوروبا، خصوصا اليونان وإيطاليا، سوقا جديدة لتسويق البطاطا اللبنانية، وذلك بعد تصدير كميات من التفاح والعنب وفواكه أخرى.
العسل والألبان والأجبان
يكشف الحاج حسن، أنه «بعد البطاطا، نعمل على تصدير العسل والأجبان والألبان، وزيادة كمية الفواكه»، مشيرا إلى أن «إجمالي صادراتنا الزراعية تبلغ حوالي 550 ألف طن، والهدف هو رفعها إلى مليون طن سنويا، بحيث نزيد نسبة عائدات القطاع من الناتج المحلي لتبلغ 8 في المئة بعدما كانت حوالي 4.8 في المئة، وارتفعت حاليا إلى أكثر من 6 في المئة». وينتقد الحكومات اللبنانية المتعاقبة التي لم تتمكن من تحسين سمعة البطاطا اللبنانية في أوروبا عبر دفعها 400 ألف يورو، ما خسّر الزراعة أكثر من 250 مليون دولار، على مدى السنوات العشر السابقة، شاكرا في هذا الخصوص دعم الحكومة الايطالية، التي خصصت مشروعا وموّلته لهذه الغاية في العام 2010. وينتج لبنان، وفق رئيس «نقابة الفلاحين والمزارعين في البقاع» إبراهيم الترشيشي، حوالي 350 ألف طن من البطاطا سنويا، يصدّر منها حوالي 250 ألف طن إلى الدول العربية. ويوضح الترشيشي لـ«السفير»، بأن أسعار البطاطا في السوق المحلي بعد التصدير إلى أوروبا، ستتأثر بالعرض والطلب، مشيرا إلى أن «سعر طن البطاطا ارتفع حاليا بسبب الوضع السوري، من 300 دولار للطن إلى 500 دولار للطن». ويلفت الانتباه إلى أن «أبرز الدول المنافسة للبطاطا اللبنانية في أوروبا، مصر التي تصدر حوالي 500 ألف طن سنويا، وفلسطين المحتلة، والمغرب، وقبرص».
أبرز المحطات
استهل المؤتمر الصحافي أمس، بكلمة لمستشار وزير الزراعة صلاح الحاج حسن، الذي عرض لأبرز المحطات التي سبقت صدور القرار الأوروبي، مشيراً إلى انه في العام 2006، صدّق لبنان على اتفاقية الشراكة الأوروبية التي يسمح للبنان بموجبها بتصدير 50 ألف طن بطاطا، لكن لم يتمكن من تصدير أية كمية حتى تاريخه. ويوضح أنه «في العام 2010 وضع وزير الزراعة هذا الموضوع من أولويات الوزارة، وطلب رسمياً من السفارة الايطالية المساعدة، فتجاوبت من خلال مشروع نفذ من خلال معهد ايام باري والوزارة، ومصلحة الأبحاث العلمية الزراعية، وغرف التجارة والمزارعين»، لافتا الانتباه إلى أنه «بناء على الكشف الحقلي والفحوصات المخبرية، أعلن وزير الزراعة في 24 آذار 2010، أن منطقتي البقاع وعكار خاليتان من مرضي العفن البني والحلقي». أما الترشيشي فرأى في هذا الإعلان «خبراً ساراً ومفرحاً للمزارعين والمصدرين، لا سيما في هذه الأيام العصيبة التي تمر على المنطقة». وطرح أمام الوفد الأوروبي الحاضر في المؤتمر الصحافي، المثل القائل: «إذا جارك بخير أنت بخير»، مؤكدا في الوقت نفسه، أن «المزارعين حريصون على زراعة البطاطا الجيدة، وأنهم يستوردون سنوياً حوالي 20 ألف طن بذار من أوروبا، بنسبة خطأ لا تتعدى 3 في المئة»، لافتا الانتباه إلى أنه «نتيجة الاهتمام بالجودة والتوضيب وتطبيق المواصفات ومراقبة الأدوية، تمكن لبنان من رفع صادراته من البطاطا إلى الأسواق العربية، إلى 250 ألف طن سنويا، آملا أن يبذل الاتحاد المزيد من الاهتمام بهذه الضفة من البحر الأبيض المتوسط». وبعدما أثنى رئيس «غرفة التجارة والزراعة والصناعة الشمال» توفيق الدبوسي، على عمل الوزارة الجدي والشفاف والفني، أوضح أن هذا القرار لن يمهد إلى دخول الإنتاج اللبناني إلى أوروبا وحسب، بل إلى العالم كله.
مواجهة الفقر
وأبرز سفير ايطاليا في لبنان جوسيبي مورابيتو في كلمته أن «تطوير القطاع الزراعي يبقى حساساً في مواجهة الفقر والأمن الغذائي والبطالة، إضافة إلى تحسين النوعية والإنتاجية للعديد من المنتجات»، ودعا لانتهاز الفرصة «بالدعوة إلى مقاربة موحدة لجميع المانحين وجميع المؤسسات اللبنانية الموجودة اليوم لمواجهة التحدي بتنمية إضافية للقطاع الزراعي». من جانبها، رأت ايخهورست أن «صدور القرار الذي يعد إشارة ايجابية برغم ما يحدث من حولنا، هو ثمرة جهد الجميع، وهي مسألة مهمة وتركز على العمل الجماعي»، مؤكدة أن «الاتحاد موجود لتقديم المساعدة للبنان في المجال الاقتصادي». ولفتت الانتباه إلى أن «وزارة الزراعــة لديهــا رؤيا لتــقدم الزراعــة فــي لبــنان»، وأملت أن «يستمر العمل في تطوير القطاع»، كما تمنت «حسن تنفيذ القرار الصادر عن الاتحـاد ليس لأجل البطاطا فحسب، بل لأجل أصناف أخرى أيضا».
العمل بدأ اليوم
وأكد الحاج حسن أن «العمل بدأ اليوم، فكل ما تم منذ العام 2002 هو من التحضيرات»، وبعدما اعتبر أن 70 في المئة من المعلومات التي تنشر عن القطاع وتأتي مــن خــارج الوزارة، مغلــوطة»، عـــرض لمــعوقات تــصديــر البطاطا إلى الاتحاد، بدءا من بحث نشر في العام 1970، عن وجود العفن البني والعفن الحلقي، ما عرقل تصدير الحصة اللبنانية، مضيفاً أنه «منذ العام 2002 وحتى 2010 بذلت جهود متقطعة لمعالجة هذه المشكلة من قبل الحكومات المتعاقبة»، مشيراً إلى أنه «خلال 8 سنوات لم تستطع الحكومات توفير موازنة لتنفيذ برنامج لمعالجة آثار بحث العام 1970، وإجراء أبحاث جديدة». كامل صالح