٧ أيار ٢٠٢٥ 
كشفت وكالة «رويترز» في تقرير موسّع عن وجود خلل كبير في قائمة «الكيانات السوداء» التي وضعتها الولايات المتحدة للحدّ من وصول الصين وروسيا إلى التكنولوجيا الأميركية المتقدّمة. إذ أظهرت مراجعة لنحو 100 شركة صينية أُدرجت على القائمة في عامي 2023 و2024، أنّ أكثر من ربع الإدراجات احتوت على بيانات غير دقيقة، بما يشمل أسماء خطأ أو عناوين قديمة أو معلومات مضلّلة. ضحايا أخطاء بيروقراطية من بين الحالات التي وثّقها التقرير، سيدة الأعمال دوريس أو، التي تدير شركة لتجارة الأقفال وملحقات الأبواب في هونغ كونغ منذ 25 عاماً. أُغلق حساب شركتها البنكي فجأة من دون تفسير واضح، ليتبيّن لاحقاً أنّ السبب يعود إلى تشابه اسم شركتها مع شركة مدرجة على القائمة السوداء الأميركية بتهمة دعم الصناعات الدفاعية الروسية. أحد العناوين المدرجة في القائمة كان مستودعها التجاري، ما أدّى إلى شلل أعمالها مع الموردين الأجانب وخسائر فادحة. زيارات ميدانية تكشف خلل المنظومة عبر المعاينة الميدانية التي أجراها فريق «رويترز» لعشرات العناوين المدرجة في القائمة الأميركية، اكتشفوا أنّ عدداً منها لا يعود لشركات صناعية أو تقنية، بل لصالونات تجميل، ومراكز تدليك، وشركات تعليم خصوصي، وحتى مبانٍ مهجورة. كما تبيّن أن بعض الشركات كانت مجرد واجهات صورية أو شركات وهمية أُنشئت لتجاوز العقوبات عبر شبكات وسطاء وشحن. نقص الموارد وسوء التحديث اعترف خمسة مسؤولين أميركيين سابقين بوجود صعوبات كبيرة في تحديث معلومات القائمة، وأرجعوا ذلك إلى ضعف الموارد لدى مكتب الصناعة والأمن (BIS) التابع لوزارة التجارة الأميركية. كما أضاف أحدهم أنّ المكتب «يعاني من نقص مزمن في الكوادر»، مشيراً إلى صعوبة تتبّع الشركات التي تغيّر أسماءها أو مواقعها لتفادي الرصد. تهريب رقائق إلكترونية رغم القيود رغم القيود المشدّدة، أظهرت بيانات جمركية روسية أنّ 20 من الشركات المدرجة في القائمة واصلت تصدير معدات إلكترونية إلى روسيا، بما في ذلك شرائح إلكترونية ومعدات اتصالات، بقيمة بلغت 7.5 ملايين دولار. وتشير تقديرات معهد KSE الأوكراني إلى أنّ نحو 76% من المعدات ذات الأولوية العسكرية لدى روسيا وصلت إليها عبر الصين وهونغ كونغ. تداعيات أوسع من مجرد القيود التقنية المشكلة لا تقتصر على منع بيع التكنولوجيا فحسب، بل تمتد إلى تعطيل الأعمال التجارية المشروعة. إذ غالباً ما ترفض البنوك العالمية التعامل مع شركات أو عناوين مدرجة، خشية الوقوع في مخالفات قد تجرّ عليها غرامات قاسية من السلطات الأميركية. وفي حالات عدة، كما في صالون تجميل آخر في هونغ كونغ، تبيّن أن الشركة الجديدة ورثت عنواناً كانت تستعمله سابقاً جهة مدرجة على القائمة، فرفضت المصارف فتح حساب لها. إصرار أميركي على تشديد الرقابة مع استمرار الحرب في أوكرانيا، وتنامي قدرات شركات الذكاء الاصطناعي الصينية، تعهّدت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتوسيع استخدام القوائم السوداء في الاتفاقات التجارية مستقبلاً، للحدّ من تسرب التقنيات الحساسة. غير أنّ فعالية هذه الإجراءات ما تزال موضع شك، في ظلّ التلاعبات المستمرة من بعض الكيانات، وضعف القدرة على التحقّق من صحة البيانات، ما يثير تساؤلات جدّية حول عدالة هذه المنظومة وجدواها. المصدر : صحيفة الاخبار |